وأمّا تخَلُّق الأمازيغ بالفضائل الإنسانية، وتنافُسهم في الخصال الحميدة، وما جُبلوا عليه من الخُلُق الكريم مرقاة الشرف والرفعة ببن الأمم ومدعاة المدح والثناء من الخلق، من عزّ الجوار، وحماية النزيل، ورعي الذمة والوسائل والوفاء بالقول والعهد، والصبر على المكاره، والثبات في الشدائد، وحسن الملكة والإغضاء عن العيوب، والتجافي عن الانتقام ورحمة المسكين، وبر الكبير وتوقير أهل الدين، وحمل الكل ، وكسب المعدوم وقري الضيف و الاعانة على النوائب، وعلو الهمة
فلهم في ذلك آثار ينقلها الخلف عن السلف لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم… وحسْبُك ما اكتسبوه من حميدها، واتّصفوا به من شريفها،
تحدث ابن خلدون عن مضاهاة الأمازيغ لغيرهم من شعوب العالم فيقول .وما كان للأمازيغ من آثار ما يشهد أخباره كلها بأنهم جيل عزيز على الأيام،أنهم قوم مرهوب جانبهم ،شديد بأسهم ،كثير جمعهم ، مضاهون لأمم العالم وأجياله من العرب والفرس والروم .
و يقول عن عراقة الأمة الأمازيغية وأصالتها الضاربة في أعماق التاريخ . هؤلاء الأمازيغ جيل ذو شعوب وقبائل لا تحصى…ولم تزل بلاد المغرب الاسلامي إلى الإسكندرية عامرة بهذا الجيل … منذ أزمنة لا يعرف أولها ولا ما قبلها.
فان ابن خلدون هو مؤرخ الأمازيغ بامتياز ليشكل عمله بالأضافة إلى كتابات هيرودوت -قبله بسبعة عشر قرنا- أهم ما حفظ لنا عن تاريخ الأمازيغ ويعتبر ابن خلدون أول مؤسس للوعي العرقي والتقافي والحضاري للشعوب الأمازيغية
و قد اطلق ابن خلدون على البربر كذالك تسمية اصحاب البرانس وذلك لأنه كان لياسا يوميا لا يستغني غنه الرجل الأمازيغي
و قد سمى ابن خلدون منطقة غرب المغرب الاوسط (الجزائر) و شرق المغرب الاقصى ببلاد زناتة و يصنف ابن خلدون قبائل وناتة الى طبقتين الطبقة الثانية بنو مرين و و بنو عبد الواد أو بنو زيان و الطبقة الاولي هم مغراوة (1)
• و قال عن قبائل زناتة “فاعلم ان جيل زناتة في المغرب جيل قديم معروف العين و الاثر و هم لهذا العهد اخذون من شعار العرب في سكنى الخيام و اتخاذ الابل و ركوب الخيل و التقلب في الارض و ايلاف الرحلتين و تخطف الناس من العمران و الانابة عن الانقياد الى النصفة و شعارهم من بين البربر اللغة التي يتواطنون بها و هي مشتهرة بنوعها عن سائر رطانة البربر و مواطنهم في سائر مواطن البربر بافريقية و المغرب “(1)
• و قال ايضا عن قبائل زناتة “فمنهم ببلاد النخيل ما بين غدامس و السوس الاقصى حتى ان عامة تلك القرى الجريدية بالصحراء و منهم قوم بالتلول بجبال طرابلس و ضواحي افريقية و بجبال الاوراس بقايا منهم سكنوا مع العرب الهلاليين لهذا العهد و أذعنوا لحكمهم و الاكثر منهم بالمغرب الاوسط حتى انه ينسب اليهم و يعرف بهم فيقال وطن زناتة(1)
—————————————————————————————————————————————–
(1) تاريخ الدولة الزيانية
حمودة قصراوي