tifinagh

خط الصمود ولغة المقاومة

في هذا الشمال الأفريقي استعمل الأفريقيون القدامى (أو قدماء البربر) منظومة كتابية هي الخطّ الليبي الذي انبثق منه تيفناغ الطوارق ٬والدليل على ذلك هو أنّ النقوش الليبية والتيفناغ القديم عثر عليهما في مناطق هي اليوم مستعربة تماما وكانت هذه الكتابة في المناطق الشمالية من بلاد البربر وعلى الخصوص الساحلية منها ٬قد واجهت منذ وصول الفنيقيين منافسة كبرى من طرف الكتابة البونية ثمّ اللاّتينية فيما بعد ٬إلى الحدّ الذي يجعلنا نقبل بالاستنتاج الذي مفاده أنّ الكتابة الليبية في تلك المناطق طواها النسيان عند أهلها وعلى الخصوص عند حلول الألفباء العربية مع انتشار الإسلام في القرن السابع. أمّا في المناطق الصحراوية البعيدة عن المنافسة فقد ظلّت محفوظة بل امتدّت حتّى جزر الكناري والخلاصة أنّه يمكن التأكيد بأنّه في فترة تاريخية معيّنة كان لأسلاف الأمازيغ منظومة كتابية أصيلة
وظلت اللغة الأمازيغية في شمال إفريقيا لغة التداول والتواصل عند الكثير من الأمازيغيين ، فلم يتركوا لغتهم الأصلية قط، بل حافظوا عليها كثيرا وخاصة في المناطق النائية، ويسجل التاريخ أن الراهب دوناتيس خلال فترة الاحتلال الروماني لشمال إفريقيا كان يستعمل اللغة الأمازيغية للصلاة والعبادة ورفض استعمال اللغة اللاتينية وحافظ الأمازيغ على كتابة تيفيناغ ولكن بشكل أقل بالمقارنة مع اللغة المتداولة شفويا”. ولم تنقطع الكتابة بالتيفيناغ
-حسب بعض الباحثين- بل الأكثر من هذا أضحى هذا الخط الأمازيغي يحارب به الأمية في النيجر، حيث لغة تمازيغت أصبحت اللغة الرسمية الوطنية بين اللغات النيجيرية الأخرى وكذا في مالي . وإذا كان خط تيفيناغ قد استعمل في الحد من الأمية في النيجر، فإنه في الجزائر وبعض دول شمال إفريقيا كان يستعمل باعتباره تراثا وطنيا بعد أن فقد في هذه البلدان وظيفته الأساسية التي هي الكتابة، وأصبح يوظف للتزيين أو بإخلاده في بعض الصور الفنية طرزا ونقشا.
تضم منطقة الأهقار بالجزائر، عددا كبيرا من المواقع الأثرية الشاهدة على وجود حياة إنسانية، من بينها ”تين تامات” و”عرق تيهوداين” ”اراك و ادلس”، وتحتوي هذه المواقع على بقايا أثرية وأدوات حجرية أنتجت واستعملت من قبل إنسان ما قبل التاريخ وهناك شواهد أثرية أخرى تعود للعصر الحجري الحديث، وتبرز منطقة “امكني” خصوصيات الشعب البربري الذي عمر المنطقة وأول من صنع الفخار وأول من زرع.
وقد أعطت مواقع ”امكني” غير البعيدة عن مدينة تامنراست وهي ”ابلوق” و”منيت” شواهدا عن بداية الثورة الفخارية ويعرف العصر بالمحاولات الأولى لاستئناس الإنسان بالحيوان.
وازدهر في هذا العصر الفن الصخري، حيث بدأ الرجل البربري ينقش ويرسم على الجدران وتحت المخابئ الصخرية، عبر فيها عن محيطه والخرافات والأساطير التي يعتقدها من خلال أشكال مبسطة وفي آخر هذا العصر ظهرت الكتابة البربرية (التيفيناغ) ويعتبر مرحلة فاصلة بين فترة ما قبل التاريخ والفترة التاريخية .
وبعد إقرار بعض دول شمال إفريقيا ومن بينها الجزائر تدريس اللغة الأمازيغية، كثر الجدل حول الخط الذي تكتب به هذه اللغة بين مطالب للكتابة بالحرف اللاتيني مواكبة للعصر وبين من يريد كتابتها بالخط العربي وكلا الطرفين اصطدم بمطالب من يشدد على ضرورة كتابتها بخط التيفيناغ باعتباره الخط الأصلي لهذه اللغة.
و يعود تاريخ الكتابة الأمازيغية (تيفيناغ) إلى فترات تاريخية بعيدة من الصعب تحديدها بدقة، غير أن الباحثة الجزائرية مليكة حشيد تمكنت من العثور على لوحات كتب عليها بالتيفناغ، وأجرت فحوصات على تيفيناغ المعثور عليه، وتبين أنه يعود إلى ألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد، وهو ما جعل البعض يرجح أن يكون تيفيناغ هو أقدم الكتابات الصوتية التي عرفها الإنسان.
واللوحة الحاملة لحروف تيفيناغ هي إحدى اللوحات المرافقة لعربات الحصان وهذا النوع من العربات ظهر في العصر ما بين ألف سنة قبل الميلاد وألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد، الأمر الذي جعل غابرييل كامس يرى أن تيفيناغ ظهر منذ أكثر من ألف سنة قبل الميلاد.
ومن ثم، فإن تيفيناغ بمثابة كتابة قليلة الشهرة ولكنها قديمة لدرجة تستحق الاهتمام باعتبار أن تيفيناغ البدائي يكاد يعود إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد. ويبدو أن هذه الكتابة الأمازيغية التي تسمى أيضا بالتيفيناغ البدائي أو الكتابة الليبية البدائية قد ظهرت مع الإنسان القفصي بشمال إفريقيا، حيث ظهر تيفيناغ باعتباره رسوما بدائية قابلة للقراءة.
وقد استعمل خط تيفيناغ في الكتابة على شواهد القبور والمغارات والكهوف والصخور والنقوش والزرابي والحلي وسك النقود ووشم الجسد والتزيين والزخرفة ووسم التذكارات التاريخية المنصوبة.
وإذا كان الخط الأمازيغي استعمل كثيرا في البوادي والجبال (جبال الأطلس) والمناطق الصحراوية (بلاد الطوارق(
وقد تأثر خط تيفيناغ في مساره التاريخي بالكتابة الفينيقية الكنعانية والكتابة المصرية والكتابة اليونانية والكتابة اللاتينية والكتابة العربية خاصة على مستوى الحركات والأصوات.
وأشارت دراسة أعدها الباحث باتريك كلايتون في صحراء مصر بمنطقة الجلف الكبير حيث عثر على قوارير من الفخار سميت ”كلايتون رينف” يعود تاريخها إلى خمسة الاف سنة قبل التاريخ بها نقوش لحروف التيفيناغ، إلى أن التيفيناغ هي نقوش يعود تاريخها لتلك الفترة أي قبل ظهور الفينيقيين بآلاف السنين
و للأمازيغية تركيب نحوي بسيط ٌ و معقد في آن واحد ، فاللغة الأمازيغية لغة لسان بدئيٍ ، تعتمد في تكوينها اللفظي ( الفونولوجي ) على معان رمزية مرتبطة بالطبيعة الإنسان ، لكن قواعد كتابة اللغة الأمازيغي ( التركيب المورفولوجي ) تبقى قواعد لينة و سهلة التعلّم ، تعتمد فقط على إلمام الشخص بألفاظ اللغة
وقال بعض المؤرخين عن اللغة الامازيغية أنها لغة افراسية أي حامو -سامية تعود إلى عهد سيدنا نوح عليه السلام و أبناءه حام و سام و يافت، و البعض الأخر يقول أن هذه النظرية خاطئة و أن الامازيغية هي لغة مستقلة عن اللغة الافراسية و يوجد دليل يقول أن عند ظهور الإنسان الامازيغي ظهرت معه الامازيغية و ذلك بتونس في المدة التي تتراوح بين الألفية السابعة و التاسعة قبل الميلاد فنستنتج أن الامازيغية أقدم بأربعة ألاف سنة عن اللغات الحامو-سامية
و اللغة الامازيغية تتفرع إلى ما يقارب ثلاثة مئة لهجة او متغيرات تشترك فيما بينها في الكلمات و من بين هذه اللهجات التي اصطلح عليها بالشلحة ,لنتوقف عند هذه الأخيرة ,المتكلمون بها هم الشلوح نجدهم على العموم في غرب شمال إفريقيا
فسنعرج بكم إلى منطقة يتكلم سكانها ب) الشلحة( إلى منطقة القصور عرفت لديهم من زمن بعيد فهم لحد الآن يتكلمون الأمازغية نلاحظ ان المناطق المجاورة أيضا سكانها يتكلمون بالأمازغية لكن يوجد اختلاف في بعض الكلمات و العبارات
أعود و أقول ان سكان منطقة القصور لا زالوا يتكلمون بالأمازغية لكن لسوء الحظ يوجد عدة كلمات قد اندثرت و الأخرى في طريق الانقراض أي اللهجة ككل في طريق الانقراض لعدة أسباب منها
1. زواج القصوريون من نساء أجانب عن المنطقة لا يتكلمن بالأمازغية يؤدي إلى نشأة أبناء لا يتقنون الأمازغية إلا إذا كان هنالك عنصر أخر يتكلم بالأمازغية في البيت من غير الأب كالأعمام و الجد و الجدة فهنا من الممكن ان يتعلم الابن الأمازغية
2. اعتبار البعض أنها لغة التغنديف و لا تواكب العصر
3. اندثار بعض الكلمات لانها استبدلت بكلمات عربية و حتى اللاتينية
الأمازغية كنز مثلها مثل الذهب و الفضة فكما نحب و نحافظ على هذا الأخيرين فيجب علينا ان نحب و نحافظ على الأمازغية فلو نقيس قيمتها لنجدها غالية لحضارتها و عراقتها فكل من يتكلم بالأمازغية هو مسؤول على المحافظة عليها يجب فعل شيء لكي لا يضيع هذا الإرث الحضاري
إنّ الحجّة الأخرى التي يمكن تقديمها لأولئك الذين – رغم كلّ الوضوح القائم – ينفون قدم توسّع انتشار اللغة الأمازيغية هي توبونيميا باقية إلى اليوم وعلى الخصوص في المناطق المستعربة٬ وهي أسماء أمازيغية تماما. ومنه نؤكّد أنّ اللغة الأمازيغية كانت كاملة الحضور عبر القرون السابقة ٬وإذا تراجعت اليوم أمام حركة استعراب ٬فإنّ الأمازيغي حتّى إذا كان مستعربا يظلّ على الدوام متميّزا عن عرب الجزيرة العربية.

Hamouda kesraoui


من كتاب :الامازيغ عبر التاريخ نظرة موجزة في الاصول و الهوية

 

عن hamouda kesraoui

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*